يتراوح طول شجرة الأرز بين 30 و45 مترا، في حين يتراوح قطرها بين متر ومترين، وهي مشابهة جدا لللأرز اللبناني. تتميز أخشابها برائحتها العطرية، ولديها لحاء سميك وفروع عريضة، أما أوراقها الإبرية الخضراء فتتراوح بين 10- 25 ملم. تعرف بقدرتها على مقاومة الأمراض والآفات عن طريق إنتاج براعم بديلة عن البراعم المصابة، وتعيش هذه الشجرة حوالي 1000 عام، وقد تصل أحيانا إلى 3000 عام.[2][9] كما تنتج هذه الأشجار ثمارات مخروطية الشكل تسمى كوز الأرز.
الانتشار
المغرب
تمتلك المغرب المساحة الأكبر في انتشار شجرة الأرز الأطلسي، بمعدل 134 ألف هكتار من مجموع مساحة المغرب، ينمو النبات على ارتفاعات بين 1000 و2200 متر على مستوى سطح البحر. تنتشر بسلسلة الجبال الأطلسية، بشكل مكثف بالأطلس المتوسط، وبشكل متوسط بالأطلس الكبير، وبشكل أقل في الأطلس الصغير، إضافة إلى انتشارها على سلسلة جبال الريف بالشمال المغربي، وذلك على شكل غابات نقية، أو مختلطة مع أصناف أخرى، خاصة البلوط الأخضر، [10][11]
الجزائر
عرفت شجرة الأرز تراجعا ملحوظا في الجزائر خلال العقود الأخيرة، حيث أضحت تنتشر بالأطلس التَلي الممتد بشكل طولي من الغرب نحو الشرق، بشكل أكبر في جبال البابوروجبال جرجرةوالونشريسوجبال زكار، كما تنتشر على قمم جبال الأطلس الصحراوي خاصة جبال الأوراس، بما قدره حوالي 90 ألف هكتار، ويبلغ عمر أقدم شجرة أرز جزائرية 900 سنة، وتوجد بجبال الأطلس البابوري.[9][12]
البيئة
توفر غابات الأرز موئلا حيويا غنيا للكثير من الكائنات الحية، من طيور وثديات وزواحف وحشرات، لكن يبقى أشهر كائن تشتهر به هذه الغابات هو قردة النسناس البربري، وهو صنف من قردة المكاك التي تستوطن منطقة شمال إفريقيا، وتتغدى أساسا على ثمار شجرة الأرز المخروطية، إضافة إلى أشجار التوت البري المنتشرة قرب البحيرات والوديان. كما تعد هذه الغابات موطنا للوشق، وإبن أوى، والذئاب الإفريقية، والأيل البربري، وغيرها من الثديات التي يعتبر جلها مهددا بالإنقراض، كما تشهد هذه الغابات على أمجاد خالية حين كانت موطنا للأسودوالنمور الأطلسية.[13]
مناعة الشجرة
من الملاحظ أنه حينما تتعرض شجرة الأرز للهجوم فإنها تنتج براعم ثانوية كآلية من آليات الدفاع عن نفسها، ولكن هذه البراعم معرضة بدورها للمهاجمة. [بحاجة لمصدر]
تاريخ شجرة الأرز
قرب مدينة أزرو الأطلسية بالمغرب، توجد معلمة سياحية شهيرة إسمها أرز ڭورو، وهي عبارة عن شجرة أرز معمرة، تعتبر الأقدم في المنطقة بسن يناهز الثمان قرون، رغم موت الشجرة بسبب السن، إلا أنها ما تزال شامخة، شاهدة عن التاريخ العريق لشجرة الأرز بجبال شمال إفريقيا الذي يمتد لألاف السنين.[14]
لقبت هذه الشجرة باسم أرز ڭورو على اسم الجنرال الفرنسي الذي عين على هذه المنطقة خلال فترة الاستعمار الفرنسي للمغرب، وهو الجنرال هنري جوزيف أوجين ڭورو. أما عن سبب التسمية، فهنا حكاية تقول أن الشجرة سميت بهذا الإسم لأنها تشبه الجنرال الذي كان يملك حينها يدا واحدة، بحيث يتفرع عن الشجرة فرع واحد كبير، في حين أن حكاية ثانية تقول أن الجنرال كان يحب زيارة هذه الشجرة والاستمتاع بظلها، فسميت تيمنا به.[14]
الإستعمالات
خشب الأرز
يعتبر خشب الأرز الأطلسي من بين أكثر أنواع الخشب جودة وقيمة، حيث تطلق عليه تسمية الذهب الأخضر، نظرا لأثمنته الباهضة التي قد تتجاوز العشرون ألف درهم مغربية، ما يجعله في متناول الأثريا فقط، حيث يعتبر تزيين البيوت به من مظاهر الثراء.[15]
زيت خشب الأرز
يتم استخراج زيت شجرة الأرز من أشجار الأرز، هي زيوت متعددة الإستعمالات، ذات قيمة اقتصادية عالية ورائحة جيدة [1][16]
السياحة
توفر أشجار الأرز الظل للمصطافين، نظرا لحجمها الكبير وغزارة أوراقها، ودوام خضرتها، كما توفر رائحة جميلة، وجمالية عالية للزوار[15]
الأدوية ومستحضرات التجميل
تستخرج من شجرة الأرز العديد من الأدوية ومستحضرات التجميل الطبيعية، التي تعالج الكثير من الأمراض[17]
التحنيط والبناء
كان الارز هو الشجرة المفضلة عند الحضارات القديمة بالحوض الأبيض المتوسط، حيث استخدمها الفراعنة كعنصر أساسي في عملية التحنيط، في حين استخدمت من أجل البناء في حضارات بلاد الرافدين[15]
االساكنة
توجد مجموعة من المدن والتجمعات السكنية المحادية لغابات الأرز، ولعل أشهرها مدينة أزرو بالأطلس المتوسط المغربي، التي ارتبطت هويتها بشجرة الأرز، وتتميز التجمعات السكنية المحادية لغابات الأرز الأطلسي بساكنتها الأمازيغية، وتمارس إلى جانب السياحة الرعي كنشاط محوري في اقتصاد المنطقة، كما تعتبر جل هذه التجمعات عبارة عن رُحل أو أنصاف رحل ينتجعون بين السهلوالجبل حسب الفصول.
حدثت مجموعة من التحولات المجالية والاجتماعية غيرت من نمط عيش الساكنة بالمناطق الجبلية، ما جعلهم يضغطون على الغابة بشكل أكبر من السابق في ظل ندرة موارد الدخل الإقتصادي، حيث تم حرمان البعض منهم من الانتجاع نحو السهل خلال فصل الستاء حيث الثلوج بالجبل تغطي الكلأ، فيضطرون إلى انتزاع أغصان الأرز وتقديمها إلى الماشية، كما أن عدد المواشي عرف تزايدا مهولا في المنطقة بسبب استثمار رؤس أموال خارجية في هذا القطاع، ما رفع الضغط على الغابة، وأثَر على إنتاج الساكنة المحلية، التي بات البعض منهم يلجئ إلى قطع أشجار الأرز بشكل غير قانوي وبيعها، أو الإنضمام إلى مافيات الأرز المنظمة، من أجل جني الأرباح في ظل انعدام موارد دخل قارة، كما أن الساكنة التي تعتمد على الزراعة، أصبحت هي الأخرى تُقبل على الإقتصاد الغابوي، بسبب الجفاف ونزع ملكية بعض الأراضي الزراعية والمراعي ومصادر المياه من طرف الدولة.[13]
السياحة
تعتبر غابات الأرز الأطلسي مصدرجلب سياحي متميز، حيث بتوافد عليها الزوار من العالم بأكمله من أجل زيارتها والاستمتاع بمناخها ورائحتها المميزتين، حيث تحصد شجرة أرز ڭورو لوحدها ما يفوق ستين ألف سائح سنويا، كما أن المدن الغابوية المعروفة بهذه الشجرة، تحصد أعدادا كبيرة من السياح مثل مدينة إفران ومدينة أزرو المغربيتين. من أجل تقنين هذا النشاط، تم إنشاء مجموعة من المنتزهات والمحميات الوطنية بالمغرب والجزائر، مثل المنتزه الوطني لإفران، الذي ينظم الممرات السياحية، وينسق من أجل توفير بنيات تحتية ملائمة للسياحة. كما تنتشر مجموعة من الخدمات السياحية الصغرى والمتوسطة والكبيرة داخل غابات الأرز، مثل الفنادق والمَآوِي السياحية، والأنشطة الجبلية مثل التزحلق على الثلوج والتنزه وتسلق الجبال في إطار السياحة الإكولوجية والجبلية.[18]
شهدت جبال الأطلس تزايدا كبيرا في قطاعان الماشية، ما يؤثر سلبا على تجدد أشجار الأرز، حيث تعمل الماشية بحوافرها على تدمير الحبوب والبراعم، وأكل الشتلات الصغيرة[11]
الملكية العقارية
تشهد العديد من المناطق الجبلية، خاصة في المغرب إنشاء مشاريع سياحية وطنية وأجنبية كبيرة على حساب الأراضي الرعوية السلالية، ما يدفع الرعاة إلى الإكتفاء بالغابة في نشاطهم وبالتالي الضغط على الغابة [13]
قردة النسناس
تأثرت قردة النسناس بالرعي الجائر أيضا، حيث لم تعد تجد ما يكفي من ألأعشاب والحشائش التي توفر لها بعض المواد الأساسية للنوم، وبالتالي أصبحت تعوض النقص في هذه المواد عن طريق أكل لحاء أشجار الأرز، ما يجعل هذه الأشجار عرضة للتلف.[19]
قطع الأشجار
تعرف غابات الأرز استغلالا مكثفا لأشجارها من أجل خشبها الثمين، ويمكن تقسيم أنوع الإستغلال إلى ثلاث أنواع [20]
الإستغلال القانوني
حيث تقوم المندوبية السامية للمياه والغابات في المغرب مثلا بتحديد قطع غابوية معينة وعرضها في المزاد العلني، ثم يقوم المشتري بقطع الأشجار التي تختارها المندوبية، وهي أشجار يتم اختيارها بعناية في إطار تهيئة المجال الغابوي.[19]
الإستغلال الغير القانوني المنظم
عبارة عن مافيات منظمة ومسلحة متخصصة في نهب أشجار الأرز، تنشط في عدة مناطق، وهناك اتهامات عدة يوجهها نشطاء بيئيون إلى السلطات بتواطئها مع هذه المافيات المنظمة والمجهزة بأحدث الوسائل، والتي تنشط ليلا في الغالب.[21]
الإستغلال الغير قانوني العشوائي
وهو قطع الأشجار لبيعها من طرف الساكنة المحلية بأدوات بدائية، وقد نشطت هذه الظاهرة مع التغير الذي عرفه نمط العيش الإقتصادي في المناطق الجبلية، والتهميش الذي تعرفه هذه المناطق، وانتشار معدلات البطالة بها، وتأثرها بتقلبات التغيرات المناخية.[21]
التغيرات المناخية
تتسبب التغيرات المناخية في تراجع كثافة غابات الأرز الأطلسي بسبب توالي سنوات الجفاف وضعف نسبة التساقطات المطرية والثلجية، وارتفاع درجات الحرارة.[22]
السياحة
كثافة المشاريع السياحة وعدم استدامتها يهدد سلامة شجرة الأرز الأطلسي، حيث تستهلك بعض المنتجعات السياحية والملاعب والمركبات الترفيهية كميات كبيرة من المياه، ما يُضعف من الفرشة المائية، وكمثال على ذلك، ملعب الغولف الملكي الراقي ميشليفن بمنطقة بنصميم وسط الغابة، الذي يساهم في تراجع مستوى الفرشة المائية التي تتغذى عليها أشجار الأرز، إلى جاني مشروع استغلال المياه المعدنية عين إفران التي تستهلك كميات كبيرة من المياه الجوفية بالمغرب.[23]
الحرائق
الحرائق من أكبر أعداء شجرة الأرز، حيث تدمر سنويا هكتارات من هذه الشجرة بالمغرب والجزائر، خاصة في سلسل جبال الريف.
حماية الأرز الأطلسي
من أجل حماية الأرز الأطلسي، تعمل السلطات على اتخاذ عدة خطوات، فمثلا تم في الجزائر اتخاذ قرار تشجير مليون شجرة أرز أطلسي، أي ما يعادل 1000 هكتار في أفق سنة 2024، كما يتم في المغرب تنظيم حملات تشجير منظمة برعاية المندوبية السامية للمياه والغابات، إضافة إلى تشييد مشاتل خاصة بانتائج الشتائل وتطوير البحث المتعلق بهذا الأمر. بالإضافة إلى تهيئة الغابة من أجل ضمان توصل الأشجار بالشمش والتغذية الكافيتين للنمو السليم. هذا بالإضافة إلى التحسيس بأهمية شجرة الأرز، وخلق أنشطة موازية مستدامة بديلة للساكنة، وتشييد المنتزهات الوطنية لحمياة هذه الشجرة.[24][25]
^"Taxonomy Browser". web.archive.org. 19 أغسطس 2018. مؤرشف من الأصل في 2018-08-19. اطلع عليه بتاريخ 2022-08-21.{{استشهاد ويب}}: صيانة الاستشهاد: BOT: original URL status unknown (link)