بالما هي عاصمة الجزيرة، وعاصمة منطقة الحكم الذاتي لجزر البليار في إسبانيا منذ عام 1983 أيضًا.[12] ثمة جزيرتان صغيرتان قبالة سواحل مايوركا هما: كابريرا (جنوب شرق بالما) ودراغونيرا (غرب بالما). أما نشيد مايوركا الرسمي فهو «لا بالانغيرا».
تعد الجزيرة، إضافة إلى جزر البليار الأخرى: مينوركا وإيبيزا وفورمينتيرا، وجهةً لقضاء العطلات وتحظى بشعبية كبيرة، خاصة بالنسبة للسياح من هولندا وألمانيا والمملكة المتحدة. يعد المطار الدولي، مطار بالما دي مايوركا، أحد أكثر المطارات ازدحامًا في إسبانيا؛ إذ استخدمه 28 مليون مسافر في عام 2017، وتزايد استخدامه في الأعوام ما بين 2012 و2017.[13]
أصل التسمية
إن اسم الجزيرة مشتق من اللاتينية الكلاسيكيةinsula maior الذي يعني «الجزيرة الأكبر». أصبح هذا الاسم في وقتٍ لاحق، أي خلال لاتينية العصور الوسطى، Maiorca، «الأكبر»، بالمقارنة مع Menorca الذي يعني «الأصغر». ثم أجرى نساخو اللغة الكتالونية تصحيحًا مفرطًا ليصبح الاسم Mallorca، واعتُمد هذا الشكل لاحقًا بوصفه التهجئة القياسية للاسم.[14]
التاريخ
مستوطنات ما قبل التاريخ
استوطن البشر في جزر البليار لأول مرة خلال الألفية الثالثة، أي نحو 2500-2300 قبل الميلاد، وكان أول من استوطن المنطقة، شعوبٌ مرتبطة بحضارة بيل بيكر (حضارة القدور الجرسيّة) من شبه الجزيرة الأيبيرية أو جنوب فرنسا. أدى وصول البشر إلى تلك المنطقة إلى انقراضٍ سريع لأنواع الثدييات الأرضية الأصلية الثلاثة في مايوركا، وهي: نوع من الماعز-القزمي الوحشي والزغبة العملاقة والزبابة، وجميع هذه الأنواع كانت موجودة بشكل مستمر في مايوركا لأكثر من 5 مليون عام. تُسمى مستوطنات الجزيرة التي تعود إلى عصور ما قبل التاريخ باسم تاليوت. وقد أشاد سكان الجزر نصبًا حجرية من العصر البرونزي كجزء من ثقافتهم التاليوتية تلك.[15]
الفينيقيون، الرومان والعصور القديمة المتأخرة
وصل الفينيقيون، وهم شعبٌ من البحارة، من المشرق الأدنى (بلاد الشام)، نحو القرن الثامن قبل الميلاد وأنشأوا عديدًا من المستعمرات. أصبحت الجزيرة في النهاية تحت سيطرة قرطاج في شمال إفريقيا التي باتت المدينة الفينيقية الرئيسة. خسرت قرطاج جميع ممتلكاتها في الخارج بعد الحرب البونيقية الثانية واستولت عليها الإمبراطورية الرومانية.
احتل الرومان الجزيرة في عام 123 قبل الميلاد تحت حكم الجنرال كونتوس كايكيليوس ميتيلوس باليريكوس. وازدهرت مايوركا في ظل الحكم الروماني، فتأسست خلال هذه الفترة مدينتي بولينتيا (الكدية) وبالماريا (بالما). إضافةً إلى ذلك، كانت مدينة بوكوريس الشمالية التي يعود تاريخها إلى ما قبل العصر الروماني، مدينة اتحادية تتبع لروما. أنعشت كل من زراعة الزيتون والكرمة إضافة إلى استخراج الملح، الاقتصاد المحلي على نحوٍ كبير. وقُدِّر جنود مايوركا داخل الجحافل الرومانية لمهاراتهم في استخدام المقلاع (المقاليع البليارية).[16]
استولى شعبا جوندريك والوندال على الجزيرة في عام 427. وحكم ملك الوندال، جنسريق، ابن جونديريك، مايوركا جاعلًا منها قاعدة لنهب المستوطنات حول البحر الأبيض المتوسط وسلبها، واستمر في ذلك حتى استعادة الحكم الروماني في عام 465.[17]
العصور الوسطى
العصور القديمة المتأخرة وأوائل العصور الوسطى
استعادت الإمبراطورية الرومانية الشرقية بقيادة أبوليناريوس، مايوركا من أيدي الوندال في عام 534. وقد ازدهرت المسيحية وبُنيت كنائس عدة في ظل الحكم الروماني.
تعرضت الجزيرة لهجمات متزايدة من مغيرين مسلمين من شمال أفريقيا منذ عام 707. فدفعت تلك الغزوات المتكررة سكان الجزر إلى طلب المساعدة من شارلمان.
مايوركا الإسلامية
غزا عصام الخولاني جزر البليار في عام 902، وأصبحت جزءًا من إمارة قرطبة. أعيد تشكيل بلدة بالما ووُسّعت وعُرفت باسم مدينة مايوركا. في وقتٍ لاحق، ومع وصول خلافة قرطبة إلى أوجها، حسّن المسلمون الزراعة من خلال الري وتطوير الصناعات المحلية.
انهارت الخلافة الأموية في عام 1015 وأصبحت مايوركا تحت حكم طائفة دانية، ومنذ عام 1087 وحتى عام 1114، كانت طائفة مايوركا مملكة مستقلة من ملوك الطوائف. زار الجزيرة في تلك الفترة ابن حزم الأندلسي. لكنّ حملة من البيزيين والكتالونيين بقيادة ريموند برانجيه الثالث، كونت برشلونة، اجتاحت الجزيرة بين عامي 1115-1114، وفرضت حصارًا على بالما لمدة ثمانية أشهر. تراجع الغزاة بعد سقوط المدينة بسبب حدوث مشاكل في أراضيهم. واستُبدلوا بالمرابطين من شمال إفريقيا الذين حكموا حتى عام 1176. واستُبدل المرابطون بسلالة الموحدين حتى عام 1229. وكان أبو يحيى آخر زعيم مغاربي لمايوركا.[18]
مايوركا العصور الوسطى
في ظل الإشكالات والاضطرابات التي أعقبت ذلك، شنَّ الملك خايمي الأول، ملك أراغون والمعروف أيضًا باسم جيمس الفاتح، غزوًا على سانتا بونكا، مايوركا، في 9-8 سبتمبر من عام 1229 بقواتٍ كاتالونية تتكون من 15000 رجل و1500 حصان. دخلت قواته مدينة مايوركا في 31 ديسمبر من عام 1229. وفي عام 1230، ضم الجزيرة إلى تاج أراغون تحت اسم مملكة مايوركا.
العصر الحديث
كان تاج أراغون في اتحادٍ سلالي مع تاج قشتالة منذ عام 1479. وغالبًا ما هاجم القراصنة البربر (الجهاد البحري الإسلامي) في شمال إفريقيا جزر البليار، وردًّا على ذلك، أشاد السكان أبراج مراقبة ساحلية وكنائس محصنة. وفي عام 1570، نظر الملك فيليب الثاني، ملك إسبانيا، مع مستشاريه في أمر إخلاء جزر البليار على نحو كامل.[19]
أدت حرب الخلافة الإسبانية في أوائل القرن الثامن عشر، إلى استبدال اتحاد الأسرة الحاكمة بملكيّة إسبانية موحدة تحت حكم آل بوربون الجدد. وكان غزو جزيرة مايوركا الحلقة الأخيرة من حرب الخلافة الإسبانية. حدث ذلك في 2 يوليو من عام 1715 عندما استسلمت الجزيرة لوصول أسطول بوربون. وفي عام 1716، جعلت مراسيم نويفا بلانتا مايوركا جزءًا من مقاطعة باليريس الإسبانية، وهي تقريبًا نفس مقاطعة جزر البليار الحالية ومجتمعها المستقل.
القرن العشرين إلى اليوم
كانت مايوركا معقلًا قوميًا في بداية الحرب الأهلية الإسبانية، وقد تعرضت لحرب برمائية في 16 أغسطس من عام 1936، بهدف طرد القوميين من مايوركا واستعادة الجزيرة للجمهوريين. إلا أنه على الرغم من عدد الجمهوريين الذي فاق عدد خصومهم بشكل كبير، وتقدُّمهم مسافة 12 كيلومترًا (7.5 ميل) إلى الداخل، أجبرتهم القوة الجوية القومية المتفوقة التي قدمتها إيطاليا الفاشية بشكل أساس، كجزء من الاحتلال الإيطالي لمايوركا، على التراجع ومغادرة الجزيرة بالكامل مع حلول الثاني عشر من شهر سبتمبر. تُعرف هذه الأحداث باسم معركة مايوركا.[20]
تحولت الجزيرة مع توافد السياحة الجماعية في خمسينيات القرن العشرين، إلى وجهةٍ للزوار الأجانب وجذبت كذلك عديدًا من عمال الخدمة من البر الرئيس لإسبانيا. وقد أدى ازدهار السياحة إلى نمو بالما على نحوٍ ملحوظ.
اجتذبت إعادة التطوير الحضري في القرن الحادي والعشرين، ضمن إطار ما يسمى بلا ميرال (بالإنجليزية «خطة المرآة»)، مجموعات من العمال المهاجرين من خارج الاتحاد الأوروبي، وخاصة من أفريقيا وأمريكا الجنوبية.[21]
آثار مايوركا
اكتشف علماء الآثار في سبتمبر من عام 2019 سيفًا بحالة جيدة يعود إلى العصر البرونزي ويبلغ عمره 3200 عام، وكانت حملة التنقيب بقيادة جاومي ديا وبابلو غاليرا، في جزيرة مايوركا في بويغبونينت من موقع النصب الحجري المسمى تالايوت. افترض الخبراء أن هذا السلاح صنع عندما كانت الثقافة التالايوتية في حالة انهيار حَرِج. وسيُعرض السيف في متحف مايوركا المجاور.[22]
المناخ
مناخ مايوركا هو مناخ البحر الأبيض المتوسط (كوبين: وكالة الفضاء الكندية)، مع شتاء معتدل وعاصف وصيف حار ومشرق.
^«الجزيرة: هذا الاسم إذا أطلقه أهل الأندلس أرادها بلاد مجاهد بن عبد الله العامري، وهي جزيرة ميورقة وجزيرة ميورقة أطلقها ذلك لجلالة صاحبها وكثرة استعمالهم ذكرها فإنه كان محسنا إلى العلماء مفضلا عليهم وخصوصا على القراء.» (ياقوت الحموي. معجم البلدان).